المحرر: هبة محمود
أوضاعا اقتصادية معقدة، يواجهها السودانيون في ظل استمرار القتال والارتفاع الحاد في قيمة الأسعار بالنسبة للسلع الاستهلاكية وغيرها بشكل كبير، لا يتناسب والظروف التي يعيشونها.
وقد أدى هذا الارتفاع في الأسعار إلى إحجام الكثير من المواطنين عن شراء عدد من السلع، والاكتفاء ببعضها، في وقت أدى فيه ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، إلى تفاقم الوضع.
وسجلت معدلات التضخم الأخيرة لشهر أغسطس ارتفاعا كبيرا مقارنة بالمعدلات السابقة في يوليو الماضي، بنسبة زيادة بلغت 25%، وهي زيادة وفق خبراء اقتصاديين ل ” المحرر” تعتبر كارثة ويتخوف مواطنون من إرتفاع متوالية الزيادة في الأسعار، وندرة الكثير من السلع الضرورية في هذا الوضع الحالي، سيما مع إزدياد معدلات التضخم.
الإنتاج و التصدير
وتشهد الكثير من الاسواق في مختلف المناطق والولايات ارتفاعا كبيرا في الأسعار، في وقت تشهد فيه مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع ندرة وغلاء كبير للسلع الاستهلاكية.
وبحسب وزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشرى في تصريحات سابقة لـ “الجزيرة نت” فإن نسبة 50٪ من مشروع الجزيرة خرجت عن الإنتاج.
ووفق اقتصاديون فإنه من الضرورة بمكان العودة للإنتاج رغم صعوبة الأوضاع، مع ضرورة تشغيل مصانع الإنتاج في مختلف الولايات الآمنة وإنشاء مصانع أخرى جديدة للحد من سعر الصرف وانخفاض التضخم عبر الإنتاج والتصدير.
وفي تصريحات سابقة كشف وزير الزراعة والغابات السوداني أبو بكر عمر البشرى للجزيرة نت عن تقلص المساحات المستهدفة بالزراعة إلى 36 مليون فدان بسبب الحرب بعد أن كان من المخطط زراعة 46 مليون فدان.
وقال البشرى إن الحرب أثرت على الزراعة في السودان والمحاصيل النقدية والغذائية، لأنها حرب شاملة شملت ولايات عدة، حيث تأثرت ولايات إقليم دارفور الخمس وولايتا غرب وجنوب كردفان والجزيرة والخرطوم، وكان الأثر بالغا في إيصال مدخلات الزراعة إلى هذه المناطق ونقص الأيدي العاملة.
الخروج عن السيطرة
وبحسب مواطنين تحدثوا لـ “المحرر” فإن الأسعار في مدينة أمدرمان أصبحت فوق استطاعة الكثيرين من المواطنين، لافتة إلى وجود إرتفاع متوالي يقابله فقد العديدين لوظائفهم.
ورأوا في حديثهم لـ “المحرر” ضرورة إيجاد معالجات اقتصادية ناجعة، تقييم الاقتصاد من وعكته، محذرة من تفاقم الأمر وإعلان المجاعة.
وأشاروا إلى أن عجز معظم الاسر عن شراء احتياجاتهم دفعهم باللجوء إلى ” التكايا ” لتناول وجباتهم بعد أن استعصى عليهم الشراء.
ونوهوا إلى أن السلع التي يعتمد عليها الكثير من المواطنين مثل العدس والارز، قد تضاعفت أسعارها بشكل كبير، أصبحت به بعيدة عن متناول أيدي الكثيرين.
مخاوف
ويتخوف حسام الدين مختار _ مواطن _ من تردي الوضع، وارتفاع معدلات التضخم وفق ما أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الخميس الماضي بزيادة كبيرة لشهر أغسطس.
ويرى في حديثه لـ” المحرر ” أن الأوضاع خرجت عن السيطرة في ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى.
واستنكر ان تصل قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي إلى 2800 جنيه، في ظل وجود وازرة للمالية والاقتصاد الوطني، مطالبا رئاسة الدولة بضرورة التدخل العاجل.
ويناشد الطيب محمد _ مواطن _ البنك المركزي و وزارة المالية بضرورة التدخل وإجراء جراحات عاجلة، لافتا الى انهم يعانون في ظل الارتفاع المستمر للأسعار.
ونوه في حديثه لـ” المحرر ” إلى اعتماد الكثير من الأسر في ظل ارتفاع الأسعار وندرة بعض السلع، على تناول وجبة واحدة.
ارتفاع معدلات التضخم
أعلن الجهاز المركزي للإحصاء يوم الخميس عن ارتفاع معدل التغيير في الأسعار (التضخم) لشهر أغسطس إلى 218.18% مقارنة بـ 193.94% التي سُجلت في يوليو 2024.
ويُقاس معدل التضخم السنوي بالتغيير في المستوى العام للأسعار للشهر الحالي مقارنة بنظيره في العام الماضي، مما يعني قياس تغير الأسعار على مدار عام كامل.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء في بيان إن “معدل التغيير السنوي في الأسعار لشهر أغسطس ارتفع بنسبة 218.18% مقارنة بنظيره في العام السابق”.
وأشار البيان إلى أن معدل التضخم في المناطق الحضرية لشهر أغسطس بلغ 189.38%، بينما ارتفع في المناطق الريفية إلى 237.70% مقارنة بالعام السابق.
يعتمد الجهاز المركزي للإحصاء في قياس التضخم على سلة تضم 663 سلعة، تمثل نمط استهلاك المجتمع بفئاته الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية في كل من الريف والحضر، ومقسمة إلى 12 مجموعة أساسية.
وتتصدر هذه المجموعات الأغذية والمشروبات، تليها التبغ، الملابس والأحذية، إلى جانب السكن، الكهرباء، الوقود، الصحة، النقل، الاتصالات، التعليم وغيرها.
ويُعزى الارتفاع المستمر في معدل التضخم بشكل رئيسي إلى الانخفاض المتواصل في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، نظرًا لاعتماد السودان على استيراد معظم احتياجاته من السلع الأساسية كالقمح والوقود من الخارج.
دور الدولة
وبحسب الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير، لـ” المحرر ” فإنه على الرغم من معدلات التضخم التي أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء، فان الواقع يشير إلى ارتفاع كبير في معدل السلع والخدمات.
لافتا الى ان ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم هو ارتفاع السلع الغذائية و الاستهلاكية والايجارات ووسائل النقل والمواصلات واسعار المحروقات التي تؤثر بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن كل هذه الأشياء شهدت ارتفاعا كبير جدا الفترة الماضية وهو شئ طبيعي في ظروف الحرب بحد تعبيره.
لكنه عاد وأكد أن على الدولة تقع مسؤولية لان ارتفاع قيمة التضخم وانخفاض قيمة الجنيه هو قضية جوهرية معني بها البنك المركزي في المقام الاول بالتنسيق مع السياسيات المالية التي تتولاها الوزارة للعمل على خفض معدلات التضخم. وتابع: ارتفاع معدلات التضخم تلقي مزيدا من الاعباء على المواطن السوداني الذي يعاني كثير من تعقيدات، ولا بد يكون للدولة دور
GIPHY App Key not set. Please check settings