البرهان في غرب افريقيا.. دبلوماسية إطفاء الحرائق وعودة السودان الى محيطه الافريقي

فريق المحرر

تقرير: أميرة الجعلي

حظيت جولة رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في غرب افريقيا والتي شملت (جمهورية مالى، غينيا بيساو، جمهورية سيراليون، السنغال، وموريتانيا)، بإهتمام كبير، ربما لأنها أول زيارة له الى تكتل الدول الفرانكفونية، والتي ظلت بعيدة عن ملف الحرب في السودان وتستقي معلوماتها من مصادر غربية ودول افريقية منحازة لرؤية مليشيا الدعم السريع.

 ويرى البعض ان البرهان قاد خلال هذه الجولة خطا دبلوماسيا جديدا يقوم على عرض الحقائق المجردة وتسمية الأطراف الإقليمية المتورطة بإعتبارها استعمارا جديدا للقارة بوسائل جديدة.

ويبقى السؤال هل نجح البرهان في دبلوماسية إطفاء الحرائق والسودان يواجه معركته المصيرية، وكسب دعم ومساندة هذه الدول التي تتفق على انها بدأت تتخلص من النفوذ الغربي والفرنسي التاريخي، وهل نجح في إعادة موضعة السودان في محيطه الإفريقي خاصة وانه رفع مبدأ ان علاقات السودان المستقبليه ستتحدد وفقا لموقف الدول من هذه الحرب التي يخوضها السودان.

أهمية جيوسياسية:

يرى مراقبون أن هذه الدول تكتسب أهمية جيوأستراتيجية تتعلق بالصراع في السودان لأنها دول ظلت تؤثر وتتأثر بالحرب في السودان من خلال عمق طرق الإمداد للمليشيا خاصة بعد دخول ميناء دوالا في الكاميرون في سلسلة خطوط الأمداد وضلوع بعض القبائل في هذه الدول في تجنيد المرتزقة للمليشيا.

كما أن هذه الدول ذات الطبيعة والتوجهات الفرانكفونية أصبحت مقاومة للنفوذ الفرنسي في القارة وتتميز بإستقلالية سياسية نسبية تتيح لها التعامل مع الأزمة في السودان بقلب وعقل مفتوح.

وكشفت الزيارة حسب حديث البرهان أن هذه الدول لم تكن تدرك حقائق الحرب ونجح البرهان في شرح تطورات الأوضاع وحقائق الحرب بصورة دقيقة وواضحة خاصة البعد الإقليمي والتدخل الخارجي والمؤامرات المستمرة ضد الشعب السوداني والانتهاكات ضد المدنيين.

الخارجية توضح

في حديثه مع (المحرر) أوضح وكيل الخارجية السفير حسين الأمين أن من أهداف الجولة تنوير قادة الدول المعنية بأبعاد الحرب التي تخوضها المليشيا المتمردة على الدولة والشعب السوداني والإنتهاكات التي تقوم بها والتي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي علاوة على التدمير الممنهج للبنى التحتية و مرافق الخدمات. 

وأكد الوكيل أن الزيارة هدفت أيضا إلى التنوير بالتدخلات الخارجية لدول لها أجندة و أطماع في موارد السودان وان تلك الدول والدوائر تستهدف موارد مختلف دول القارة الأفريقية وأن ما تشهده الساحة الأفريقية هو محاولات لتكبيل إرادة الدول وانه استعمار متدثر بثوب جديد بدعوى التنمية الإقتصادية والإستثمارات، وأضاف ان ما تشهده القارة من تحركات محمومة لتلك القوى دليل على حقيقة أهدافها.

ولفت الأمين ان رئيس مجلس السيادة الانتقالي شدد على ضرورة الترابط والتكاتف بين دول المنطقة باعتبار أن أمنها و إستقراراها مشترك وأن ما يشهده السودان من استهداف لوجوده قد يتكرر في دول أفريقية أخرى.

وقال ان رئيس مجلس السيادة قدم رؤيته لإنهاء الحرب، وأكد على إلتزام القوات المسلحة السودانية بالعملية السياسية وفق رؤية واضحة.

وفيما يخص المستوى الثنائي أوضح الوكيل أن رئيس مجلس السيادة بحث سبل تعزيز التعاون مع دول المنطقة في مجالات التعليم والزراعة والصحة وتبادل الخبرات في مختلف المجالات.

وأشار الى ان الجولة أكدت على أهمية التواصل بين دول المنطقة والتشاور في قضايا القارة و تفعيل دور المنظمات القارة والإقليمية وتخليصها من الإرتهان لإرادة الأطراف الخارجية.

وكشف وكيل الخارجية ان اللقاءات التي عقدها الوفد أبرزت مدى تأثير المعلومات المضللة وعدم إدراك بعض قادة الدول التي شملتها الجولة لحقيقة ما يجري في السودان.

ولفت الى ان الجولة تزامنت مع الإنتصارات التي أحرزتها القوات المسلحة في مختلف المحاور وبصفة خاصة استرداد مدينة ود مدني أبرزت تضامن الجاليات السودانية ومواطنو  دول المنطقة مع  القوات المسلحة وتبين ذلك في تلاحمهم مع قائد الوفد في الطرقات  ودور الجاليات السودانية.

البرهان يقود السياسية الخارجية:

تأتي الزيارة استكمالا لجهود البرهان الخارجية والتي ركزت على شرح العدوان والحرب ضد الشعب السوداني في المحيط الإقليمي ومشاركته في المؤتمرات الدولية وأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما سبق وأن زار (رواندا وأنغولا وأثيوبيا وجيبوتي ويوغندا وكينيا واريتريا) في القارة.

وتأتي زيارة دول غرب أفريقيا لتأكيد موقف السودان وكسب الدعم السياسي والدبلوماسي لهذه الدول خاصة على أعتاب القمة الأفريقية المرتقبة نهاية الشهر الجاري.

وكشفت الزيارة أن قيادة البرهان للسياسة الخارجية أصبح أكثر فعالية في تحقيق أهدافها ذات الأبعاد الإستراتيجية لدعم معركة الكرامة وكسر حاجز العزلة المصطنع.

والأهم أن الزيارة تأتي في أعقاب قرارات العقوبات الأمريكية على قائد المليشيا “حميدتي” وشركاته المسجلة في دولة الإمارات. مما يجعل للزيارة زخما سياسيا ودبلوماسيا ايجابيا.

اختراق كبير

رغم التساؤل حول دلالة الزيارة من حيث التوقيت والأهداف الا ان البعض يرى أن هذه الزيارة أحدثت اختراقا كبيرا، وانفتاحا جديدا للسودان نحو دول غرب افريقيا، التي لم يهتم بها السودان دبلوماسيا خلال الفترة الأخيرة وحاول الدعم السريع عن طريق حلفائه اكتساب تأثير دبلوماسي فيها من خلال نشاط دولة الأمارات الأقتصادي وأغراء هذه الدول بمشروعات إقتصادية وهمية من أجل فتح أراضيها لتجنيد مقاتلين للدعم السريع.

كما لم تنفذ القيادة السياسية في السودان أي زيارات رئاسية أو رفيعة المستوى طيلة الفترة الماضية. بعد غياب السودان عنها فترة طويلة، كما ان الزيارة تاتي في ظل توتر علاقات السودان مع بعض دول الجوار الإفريقي متمثلة في (تشاد، يوغندا، كينيا) التي ظلت منذ اندلاع الحرب داعمة ومساندة لمليشيا الدعم السريع، كما خصصت تشاد مطاري (أم جرس وأبشي) لإستقبال الرحلات الجوية التي. تحمل العتاد والدعم العسكري لتدمير السودان، بجانب مطار عنتبي في يوغندا، كما ظلت بعض دول الجوارالأخرى  داعمه للمليشيا سياسيا، وكانت مواقفها واضحة في المنظمات الإقليمية كالإتحاد الإفريقي ومنظمة الإيغاد.

مؤشر إيجابي

بحسب مراقبين ان الزيارة كسرت حاجز العزلة المصطنعة على السودان وتعميق الشرعية السياسية للرئيس البرهان و تطويق الدعم السريع سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا عن طريق دول الإقليم مستغلا القرارات الأمريكية والأدانات الدولية ضد المليشيا وارتكابها المجازر والإبادة في حق المدنيين.

وحظي البرهان اضافة للترحاب الرسمي مؤشر باستقبالات شعبية حاشدة من مواطني هذه الدول والجاليات السودانية المقيمة مما يجعل صوت السودان يصل الى العمق الشعبي الأفريقي الذي أبدي تعاطفا قويا مع السودان وعبر عن دعم القيادة السياسية والعسكرية في هذا المنعطف التاريخي الهام.

مزيد من الإنفتاح

وعليه تعني الزيارة مزيدا من الإنفتاح نحو إفريقيا، بشكل عام ودول غرب إفريقيا على وجه الخصوص، خاصة وانها تعتبر الزيارة الأولى للبرهان منذ اندلاع الحرب، كما تعتبر ضربة البداية لتوجه السودان نحو سياسة خارجية جديدة، كما للدول المذكورة أهمية خاصة انها دول أعضاء في الإتحاد الإفريقي، ربما هذا الحراك يستبق القمة الإفريقية المقبلة للاتحاد الافريقي، والتي سيتم خلالها انتخاب رئيس جديد لمفوضية الإتحاد الأفريقي، بدلا عن الرئيس الحالي، التشادي موسى فكي.

كما تحظي زيارة دولة سيراليون بأهمية كبرى باعتبارها عضو غير دائم العضوية في مجلس الأمن، وتلعب دورا كبيرا داعما لقضايا السودان في المحافل الإقليمية والدولية.

تنوير للقادة

وعليه عقد رئيس مجلس السيادة لقاءت مع قادة دول الأفريقية التي زارها على مدى 4 أيام جلسات مباحثات ثنائية  تتعلق بترقية وتطوير العلاقات بين السودان وتلك الدول، وسبل التعاون المشترك.

ورافقه خلال الزيارة وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين ومديرعام جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ومديرعام منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني ادريس.

وقدم البرهان تنويرا لقادة تلك الدول حول تطورات الأوضاع في السودان، والجهود المبذولة لتحقيق الامن والإستقرار والسلام، ونوه الى ما ارتكبته المليشيا من انتهاكات وجرائم ضد الشعب السوداني وارتكاب إبادة جماعية ضد المواطنين.

وأوضح اثناء لقاءته مع كل رئيس دولة على حده ان السودان يواجه حربا تعددت أطرافها وتم غزوها بواسطة مرتزقة مليشيا الدعم السريع، كما انه يواجه مؤامرة تحيكها أطراف دولية وإقليمية للنيل من وحدته وعزته، موضحا موقف الشعب السوداني الرافض للتفاوض والجلوس معها ووجودها في المستقبل، مؤكداعزم القوات المسلحة على تطهير كل شبر من أرض الوطن دنسته المليشيا والقضاء عليها.

 و في ذات الاثناء أشاد بمواقف هذه الدول الداعمة والمساندة للسودان، وأكد ان علاقات السودان ستبني على مواقف الدول من الحرب.

وشدد البرهان في حديثه على أهمية حل المشاكل الداخلية لدول القارة داخل البيت الافريقي، وطالب بالنأي عن الحلول الخارجية.

ووجد البرهان تأكيدات من قادة هذه الدول على دعم قضايا السودان في المحافل الإقليمية والدولية، واستمرار التعاون المشترك على المستوى الثنائي.

Share This Article
error: Content is protected !!
Exit mobile version