تقرير: أميرة الجعلي
في خطوة عدها البعض انها جاءت متأخرة من المتوقع ان يزور المبعوث الامريكي الخاص للسودان توم بيريللو بورتسودان غدا “الاحد” في زيارة تستغرق يوما واحدا للقاء كبار المسؤولين في الدولة، و من الواضح ان هذه الزيارة لم تجد حماسا من المهتمين لأنها جاءت متأخرة وسماها البعض too little too late و لزهد المتابعين في ان تحدث تحولات ايجابية في مسار وقف الحرب وتحقيق السلام.
كما يتساءل المر اقبون عن جدوى الزيارة ( في الزمن الضائع) حيث تبقت لفترة الرئيس بايدن حوالي شهرين… كما يتساءل المحللين لماذا الان؟ و قد تشرد الناس وقتلوا واغتصبت النساء و فر السودانيون الى دول الجوار..
شروطا مسبقة
ابرز محاكمات الرأي العام ضد زيارة بيريللو انه لم يكلف نفسه طيلة فترة تكليفه لزيارة السودان اذ ظل المبعوث طيلة فترته السابقة يتجول بين دول الجوار السوداني لمناقشة القضية السودانية، والاستماع الى كافة الأطراف الأخرى دون ان يضع قدمه في بورتسودان والاستماع لمواقف الحكومة السودانية، ورؤيتها عن قرب، ولقاء المتضررين من الحرب، بل كان يضع شروطا تعجيزية لتحقيق الزيارة، متحججا بتدهور الأوضاع الأمنية، التي لا تسمح له بدخول المدينة ويشترط لقاء المسؤولين فقط داخل مطار المدينة لاجراء محادثات معهم، الامر الذي رفضته الحكومة عدة مرات، وابلغت المبعوث حينها بان لقاء المسؤولين يتم داخل مكاتبهم لا في المطار.
لم تثمر شئيا
اجرى المبعوث الامريكي لقاءت متعددة مع الاحزاب السياسية المساندة للجيش في القاهرة، كما اجرى لقاءات مماثلة مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بجانب لقاءات مع الاعلاميين في اديس ونيروبي والقاهرة ويوغندا، اضافة الى لقاءات مع منظمات المجتمع المدني، ولكن لم تكلل لقاءاته بالنجاح او ان تحدث تأثيرا ايجابيا علي الارض ، وشبهها البعض بلقاءات العلاقات العامة لانها لم تثمر عن شئ ولم تساهم في حل الأزمة، رغم اهمية الدور الأمريكي في الصراع الدائر في السودان.
اطلاق الاتهامات
ظل المبعوث الامريكي يطلق بين الفينة والأخرى اتهامات للحكومة السودانية بعرقلة وصول مواد الإغاثة الطارئة القادمة لمتضرري الحرب في البلاد.
وقال في عدد من تغريداته على منصة “إكس” إن 6.5 مليون إنسان في السودان يحتاجون إلى الغذاء بشكل عاجل للبقاء على قيد الحياة، كما يحتاج 25 مليون إنسان إلى مساعدات إنسانية طارئة، متهما مفوضية العون الانساني بانها لا تسمح إلا بوصول 10% فقط من الإمدادات الإنسانية في بورتسودان إلى الناس الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء والدواء”، وقال “لقد عرقلت السلطات في بورتسودان وصول 90% من مواد الإغاثة الطارئة أو تأخرت في الوصول إليها”.
ضغوط فاشلة
ظل بيريللو طيلة الفترة الماضية يمارس ضغوطا على الحكومة السودانية بداية بمفاوضات جنيف التي باءت بالفشل بعد تمسك قادة الجيش بموقفهم الرافض للمشاركة فيها، ورفض مخرجاتها و التمسك بمخرجات جدة ، مما دفع المبعوث الى تبني رؤية أخرى لحل الأزمة السودانية، وذلك بعد تعثر مفاوضات جنيف، حيث قام بجولة افريقية خلال شهر أكتوبر حاول فيها التسويق لنشر قوات افريقية تحت شعار حماية المدنيين باعتباره حلا دائما لوقف النزاع الدائر في السودان، حيث اشار في احدى مؤتمراته الصحفية انه بدأ في فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي، بهدف إعداد قوات للتدخل لحماية المدنيين في السودان، وهي ذات الرؤية التي ظلت تتبناها تنسيقية ” تقدم” ولكنها لم تحظ باى اهتمام حيث فشلت جهود تمرير القرار عبر مجلس الامن الذي كانت تتبناه بريطانيا خلال جلسة مجلس الامن الدولي الاسبوع الماضي، حيث رأت بريطانيا ذاتها بأن الوقت غير مناسبا لنشر القوات، وهو ذات الموقف الذي عبر عنه الامين العام للامم المتحدة.
نجح غوتيرش وفشل بيريللو
كشفت المعلومات ان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش نجح في اقناع الرئيس البرهان اثناء مؤتمر قمة المناخ في أذربيجان بفتح معبر أدري على الحدود التشادية بعد ان امتنعت الحكومة عن تجديد المهلة بعد اتهامها لدولتي الإمارات وتشاد باستخدامه لنقل الأسلحة والذخائر للتمرد.
لكن تمت تفاهمات و الاستجابة لشروط الحكومة لفتح المعبر. وذلك في مقابل فشل جهود بيريللو الذي هاجم الحكومة و انتقد سياساتها. لكنه عاد ورحب بقرار الحكومة لفتح المعبر.
دبلوماسية الزمن الضائع
قال بيريللو ان إدارة بايدن قررت العمل لحل الأزمة ت
السودانية قبل انتهاء أجلها وتسلم الرئيس ترامب سدة البيت الأبيض.
هل يسعف الزمن بيريللو لوقف الحرب خلال شهرين وهو ما عجز عنه خلال سنتين؟.
ربما تنجح
يرى البعض أنه ربما تنجح دبلوماسية الزمن الضائع اذا أحسنت إدارة بايدن استخدام ادواتها الدبلوماسية خاصة ضغط الإمارات لوقف الدعم لكن فشلها هو المرجح لأنها لم تستثمر نفوذها الدبلوماسي في الوقت المناسب.
و يعتقد بعض المحليين ان إدارة ترامب هي الاقدر على حل الإشكال ضمن أفق حلها لقضية الشرق الأوسط واحياء الإتفاقيات الإبراهيمية.
لكن هل سيرضى السودان قطع علاقاته مع ايران مجددا ثمنا للتدخل الأمريكي لوقف الحرب.
إتفاق جديد
من الواضح ان بيريللو غير من خطط عمله السابقة اذ حرص على تغيير إتفاق جدة باتفاق جديد في جنيف لكنه فشل و حاول إعادة حمدوك و كتلة “تقدم” للمشهد السياسي وايضا فشل.
اذن ما هو الجديد الذي يحمله؟
حسب متابعات (المحرر) فان بيريللو يريد إحياء منبر جدة بنفس الشروط التي وافقت عليها الحكومة والاعتراف بسيادة البلاد وشرعية مجلس السيادة.
ويري بيريللو ان وجود الدعم السريع في مستقبل العملية السياسية مضر لكنه اكثر حرصا على مشاركة المكون المدني بقيادة حمدوك من جديد.
لكن حسب مراقبون فإن دور رمطان العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة سيكون هو الأبرز في المرحلة القادمة اذ من المتوقع ان يزور بورتسودان خلال الأسابيع القليلة القادمة..
وحسب توقعات المحليين فإن زيارة بيريللو ستكون الأولى والأخيرة لبورتسودان، و سيكتب له الفشل كما كتب عن زملائه السابقين الذين سبقوه في نفس المنصب المبعوث الخاص للسودان منذ السيناتور جونسون مرورا بدانفورث وانتها ء بدونالد بوث.