المحرر: هبة محمود
تواجه أسر تعرض أفرادها للاختفاء القسري حالة من الألم المميت في ظل نداء لم يسمع ميتا ولا يعلم مكنونه حيا، ليكون الانتظار المضني هو العنوان العريض الذي يعيشونه.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، فان عدد المفقودين والمختفيين قسريا في السودان بلغ حتى الآن نحو 1956.
وفي بحسب عضو مبادرة مفقود سارة هاشم فأن عدد النساء المختفيات قسريا بلغ نحو 106 إمرة، فيما بلغ عدد المعتقلات نحو 171، كلها تتبع للمليشيا اما بالنسبة للأطفال فان أعدادهم بلغت نحو 39 طفلا.
وفي تصريحات سابقة لأعضاء المبادرة، فان معظم المفقودين هم في مناطق سيطرة الدعم السريع، حيث تقوم الجهات التي تحتجز المواطنين ومطالبة أسرهم بفدية مالية.
وتطالب الكثير من المنظمات الحقوقية بضرورة إطلاق سراح المعتقلين فيما تدعو إلى ضرورة محاسبة المتسببين في الاختفاء القسري ووضع حد من ما يعانيه المواطن السوداني و إدانة المتورطين ومحاسبتهم.
نماذج للاختفاء القسري يقف عليها ” المحرر”، لشباب اختفوا قسريا لا يعلم ذويهم عنهم الا مجهول الحال والمكان.
خالد.. البحث المضني
خالد فضل حامد يبلغ من العمر خمسة وثلاثون عاما، منذ بداية الحرب في العاصمة الخرطوم خرج من منزله بالفتيحاب بمدينة امدرمان، متوجها إلى مدينة ودمدني.
يروي شقيقه عثمان فضل حامد ل” المحرر ” كيف أن خالد، فضّل الانتقال من منطقة سيطرة الدعم مدنية مدني دون أن يعلم أن أشهراً قليلة تلك هي التي تفصله عن دخول جديد للدعم لولاية الجزيرة.
قال عثمان ان شقيقه خالد الذي يعمل _ حلاق_ توجه بمعية اصدقائه إلى مدني ومن ثم استقر به المقام مع عمه قبل أن تجتاح قوات الدعم المدينة في ديسمبر الماضي وبعد أسبوع فقط انقطعت أخباره.
ويتخوف مع ما يقارب العام من انقطاع أخبار من شقيقه أن يكون قد تمت تصفيته، طالبا من الجميع مساعدته في البحث عنه.
الطريفي.. أشواق المكان
وبعيدا عن خالد تكمن معاناة أخرى لأسرة سودانية فقدت فلذة كبدها منذ اندلاع القتال في السودان.
ففي مدينة أمدرمان كان محمد الطريفي حمد، في طريقه إلى أمبدة، قبل أن تنقطع اخباره عن أسرته، دون معرفة اي وجهة له.
لنحو عام يكمن الألم داخل الأسرة وهي لا تعرف عن ابنها شيئا الا مكان الفقد.
يروي شقيقه يس الطريفي ل ” المحرر ” معاناتهم واشواقهم في معرفة مكان ووجهة شقيقهم، مؤكدا ان أخاه لا يتبع لاي جهة حكومية، ممنيا نفسه باللقيا بعد طول إنتظار.
عكاشة.. فرحة لم تكتمل
لم يكن الفاتح عكاشة _ ثلاثيني _ يعلم أن فرحته بابنه وباكورته لن تدوم طويلا قبل أن يختفى في غياهب سجون الجنجويد.
فرحة لم تكتمل بزوجته التي وضعت بقرية النعمان بولاية الجزيرة قبل أيام قلائل من شهر رمضان، ليخف بعدها إلى منطقة الحلاوين ليفرح والدته بما أنجب.
يقول معاذ ابو كساوي إبن خالة عكاشة، ل”المحرر” أن ابن خالته كانت الفرحة لا تسعه بمولوده الأول، قبل أن يختفي، مؤكدا انه بعد ان عاد من الحلاوين أخبر زوجته انه سيذهب المناقل للعمل لتجهيز مستلزمات العيد، فكان الوداع الاخير.
يتابع معاذ: الان مضى نحو أربعة أشهر ويزيد من اختفاء عكاشة في سجون الجنجويد في المناقل دون أن يعرف له طريق، فيما لا زلنا نواصل رحلة البحث عنه علنا نعرف طريقه
ويضيف: والدة عكاشة تعيش وضعا صعبا، حزنا وألما على فراق ابنها ووحيدها الذي لم تنفك وهي تذرف الدمع الثخين عليه.
عبد الماجد .. تباين الروايات والمحصلة واحدة
وفي جانب آخر من جوانب الألم يتوارى عبد الماجد عبد العزيز خلف قبضة الجنجويد لا يعلم احد عن طريقه شيئا.
فمنذ يوليو الماضي يغيب الرجل عن منزله وأسرته لا كثر من شهر، بعد أن تباينت الروايات حول قصة اختفائه.
يقول أحد المقربين له _ إبن عمته _ ل “المحرر” ان عبد الماجد الذي يعمل مزارعا خرج إلى ولاية القضارف لبيع عربة له وفي طريق عودته إلى الحصاحيصا اختفى.
يقول محمد الخير: تباينت الروايات حول اختفاء عبد الماجد فهناك من يقول أنه تعرض للنهب ثم الاعتقال وهو في طريق عودته إلى منزله، وهناك من يقول انه عندنا عاد إلى منزله وجد انه تم احتلاله بواسطة امراتين تزوجا فردين من أفراد الدعم السريع، وعند تشاجره معهما تم اعتقاله.
ويتابع: أي كانت الروايات فان ابن عمتي يمكث في بمعتقلات الدعم ولا يعرف له طريق، ونناشد بالأفراج عنه.
مزمل مسمار .. ثمانية أشهر من الألم
وهنا رواية أخرى مختلفة من رويات الألم لمختفي قسريا بواسطة مليشيا الدعم السريع.
رحلة من البحث المضني، استمرت لأكثر من ٨ أشهر ولم تزل، محفوفة بالدمع والألم.
باشمهندس مزمل علي عمر مسمار _ 39 عاما _ يعاني من بعض الاضطرابات النفسية التي تكاد لا تدرك الا من بعض مواقف وفق ما رؤى ذويه ل “المحرر”.
يقول شقيقه الأكبر عمر علي عمر مسمار ان مزمل فقد في يوم 24 يناير الماضي، في المنطقة بين دردوق وحطاب شمال مدينة بحري، قبل أن يختفي تماما، وخلال رحلة من البحث في معتقلات الجيش تبين أن شقيقه تم إعتقاله بواسطة الجنجويد.
وتابع: لم نزل نواصل رحلة البحث وسط قلق أسرى رهيب وحتى الآن لم نتوصل إلى نتيجة.
وأضاف: نتمنى عبركم الوصول إلى طريق إلى مزمل حتى يعود لاحضان أسرته.
GIPHY App Key not set. Please check settings