نيويورك تايمز تفضح الامارات في اخطر تقرير

almohrer news

تحلق‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬فوق‭ ‬الصحاري‭ ‬الشاسعة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الحدود‭ ‬السودانية،‭ ‬لتوجيه‭ ‬قوافل‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تُهرب‭ ‬الأسلحة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬المتهمين‭ ‬بارتكاب‭ ‬فظائع‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭.‬

خلال‭ ‬رحلتهم‭ ‬هذه،‭ ‬تحلق‭ ‬الطائرات‭ ‬فوق‭ ‬مدينة‭ ‬محاصرة‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المجاعة‭ ‬الرهيبة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬لدعم‭ ‬قوة‭ ‬شبه‭ ‬عسكرية‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬قصفت‭ ‬المستشفيات‭ ‬وتنهب‭ ‬شحنات‭ ‬الغذاء‭ ‬وتحرق‭ ‬آلاف‭ ‬المنازل،‭ ‬وفق‭ ‬جماعات‭ ‬الإغاثة‭.‬

تنطلق‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬تقول‭ ‬الإمارات‭ ‬إنها‭ ‬تدير‭ ‬فيها‭ ‬جهدًا‭ ‬إنسانيًا‭ ‬للشعب‭ ‬السوداني‭ ‬–‭ ‬كجزء‭ ‬مما‭ ‬تسميه‭ ‬“أولوية‭ ‬عاجلة”‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الأرواح‭ ‬البريئة‭ ‬وتجنب‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭.‬

تلعب‭ ‬الإمارات‭ ‬لعبة‭ ‬مزدوجة‭ ‬مميتة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬مزقته‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬كارثية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬دولة‭ ‬الخليج‭ ‬الغنية‭ ‬بالنفط‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬حملتها‭ ‬السرية‭ ‬لدعم‭ ‬المنتصر‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحويل‭ ‬الأموال‭ ‬والأسلحة،‭ ‬والآن،‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬قوية،‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬المنتشرين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمسؤولين‭ ‬ومذكرات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬داخلية‭ ‬وصور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬حللتها‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬كصانعة‭ ‬ملوك‭ ‬إقليمية،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬تقدم‭ ‬الإمارات‭ ‬نفسها‭ ‬باعتبارها‭ ‬بطلة‭ ‬للسلام‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والمساعدات‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تستخدم‭ ‬أحد‭ ‬أشهر‭ ‬رموز‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ــ‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر،‭ ‬نظير‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬ــ‭ ‬كغطاء‭ ‬لعمليتها‭ ‬السرية‭ ‬لإرسال‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬وتهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين،‭ ‬كما‭ ‬تظهر‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭.‬

لقد‭ ‬تأججت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬الدولة‭ ‬المترامية‭ ‬الأطراف‭ ‬الغنية‭ ‬بالذهب‭ ‬والتي‭ ‬يبلغ‭ ‬طول‭ ‬ساحلها‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬ميل،‭ ‬بسبب‭ ‬وفرة‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬تقدمها‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية،‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا،‭ ‬وهي‭ ‬تزود‭ ‬الأطراف‭ ‬المتحاربة‭ ‬بالأسلحة،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬إمالة‭ ‬الميزان‭ ‬لتحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬أو‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬استراتيجية‭ ‬ــ‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يقع‭ ‬شعب‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬النيران‭ ‬المتبادلة‭.‬

الامارات‭ ‬ثنائية‭ ‬المواقف‭ ‬والخطوات

لكن‭ ‬الإمارات‭ ‬تلعب‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬والأهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المسؤولون،‭ ‬حيث‭ ‬تتعهد‭ ‬علناً‭ ‬بتخفيف‭ ‬معاناة‭ ‬السودان‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تعمل‭ ‬سراً‭ ‬على‭ ‬إشعال‭ ‬فتيلها‭.‬

وتقول‭ ‬الإمارات‭ ‬إنها‭ ‬أوضحت‭ ‬“بشكل‭ ‬قاطع”‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تسلح‭ ‬أو‭ ‬تدعم‭ ‬“أيًا‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬المتحاربة”‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وتقول‭ ‬إنها‭ ‬“منزعجة‭ ‬من‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتسارعة‭ ‬بسرعة”‭ ‬وتدفع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬“وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الفوري”‭.‬

ولكن‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عام،‭ ‬كانت‭ ‬الإمارات‭ ‬تدعم‭ ‬سراً‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬وهي‭ ‬المجموعة‭ ‬شبه‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تقاتل‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭.‬

وفي‭ ‬يناير،‭ ‬أكد‭ ‬محققو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تحقيقا‭ ‬أجرته‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬يفصل‭ ‬عملية‭ ‬تهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬الإماراتية،‭ ‬عندما‭ ‬استشهدوا‭ ‬بأدلة‭ ‬“موثوقة”‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬تنتهك‭ ‬حظر‭ ‬الأسلحة‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬السودان‭ ‬منذ‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭.‬

والآن،‭ ‬يعمل‭ ‬الإماراتيون‭ ‬على‭ ‬تضخيم‭ ‬حملتهم‭ ‬السرية،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إطلاق‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬صينية‭ ‬الصنع‭ ‬قوية،‭ ‬وهي‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬السودان،‭ ‬من‭ ‬مطار‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬في‭ ‬تشاد‭ ‬قامت‭ ‬الإمارات‭ ‬بتوسيعه‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬عسكري‭ ‬مجهز‭ ‬تجهيزا‭ ‬جيدا‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬حظائر‭ ‬للطائرات‭ ‬وتركيب‭ ‬محطة‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار،‭ ‬كما‭ ‬تظهر‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬وقد‭ ‬نقلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬الشحن‭ ‬التي‭ ‬هبطت‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬أسلحة‭ ‬للإمارات‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬صراع‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا،‭ ‬حيث‭ ‬اتُهم‭ ‬الإماراتيون‭ ‬أيضًا‭ ‬بانتهاك‭ ‬حظر‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتحليل‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬لبيانات‭ ‬تتبع‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭.‬

ويقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬إن‭ ‬الإماراتيين‭ ‬يستخدمون‭ ‬المطار‭ ‬الآن‭ ‬لتسيير‭ ‬طائرات‭ ‬عسكرية‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬متقدمة‭ ‬لتزويد‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بمعلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬عن‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬ومرافقة‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬–‭ ‬لمراقبة‭ ‬الكمائن‭.‬

وحددت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬نوع‭ ‬الطائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬المستخدمة‭: ‬وينج‭ ‬لونج‭ ‬2،‭ ‬وهي‭ ‬نموذج‭ ‬صيني‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يُقارن‭ ‬بطائرة‭ ‬إم‭ ‬كيو‭-‬9‭ ‬ريبر‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وتُظهر‭ ‬الصور‭ ‬مخبأ‭ ‬ذخيرة‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬ومحطة‭ ‬تحكم‭ ‬أرضية‭ ‬لطائرة‭ ‬وينج‭ ‬لونج‭ ‬بجانب‭ ‬المدرج‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬750‭ ‬ياردة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬مستشفى‭ ‬تديره‭ ‬الإمارات‭ ‬والذي‭ ‬عالج‭ ‬مقاتلي‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬الجرحى‭.‬

وتستطيع‭ ‬الطائرة‭ ‬وينج‭ ‬لونج‭ ‬الطيران‭ ‬لمدة‭ ‬32‭ ‬ساعة،‭ ‬ويبلغ‭ ‬مداها‭ ‬الف‭ ‬ميل‭ ‬ويمكنها‭ ‬حمل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬صاروخًا‭ ‬أو‭ ‬قنبلة‭.‬

ويقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬ان‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬حاليًا‭ ‬بغارات‭ ‬جوية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬لكنها‭ ‬توفر‭ ‬المراقبة‭ ‬وتحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المعارك‭ ‬الفوضوية‭.‬

ويقول‭ ‬جيه‭ ‬مايكل‭ ‬دام،‭ ‬زميل‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬ميتشل‭ ‬للدراسات‭ ‬الجوية‭ ‬ومقره‭ ‬فرجينيا،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬يجعلها‭ ‬“مضاعف‭ ‬قوة‭ ‬مهم”‭.‬

ويقول‭ ‬الخبراء‭ ‬والمسؤولون‭ ‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬الإقلاع‭ ‬من‭ ‬القاعدة،‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬توجيه‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الإماراتية،‭ ‬ومؤخرًا،‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬بدوريات‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬فوق‭ ‬مدينة‭ ‬الفاشر‭ ‬السودانية‭ ‬المحاصرة،‭ ‬حيث‭ ‬يتضور‭ ‬الناس‭ ‬جوعًا‭ ‬وتحاصرهم‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬والفاشر‭ ‬موطن‭ ‬لنحو‭ ‬مليوني‭ ‬شخص،‭ ‬وتتزايد‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفظائع‭.‬

وقد‭ ‬مارس‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأميركيون‭ ‬ضغوطا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أطراف‭ ‬الحرب‭ ‬لوقف‭ ‬المذبحة‭.‬

كمالا‭ ‬هاريس‭ ‬تضع‭ ‬بن‭ ‬زايد ‬في‭ ‬(فتيل)‬

ووفقا‭ ‬لمسؤولين‭ ‬مطلعين‭ ‬على‭ ‬المحادثات،‭ ‬قامت‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬بمواجهة‭ ‬زعيم‭ ‬الإمارات‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬بشأن‭ ‬دعم‭ ‬بلاده‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬عندما‭ ‬التقيا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭/‬كانون‭ ‬الأول،‭ ‬ودعا‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬“الحرب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها”،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحصار‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬على‭ ‬الفاشر‭ ‬لمدة‭ ‬أشهر‭ ‬“أصبح‭ ‬هجوما‭ ‬شاملا”‭.‬

ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬الأزمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬يستضيف‭ ‬هو‭ ‬والسيدة‭ ‬هاريس‭ ‬الزعيم‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬وقال‭ ‬جون‭ ‬إف‭ ‬كيربي،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬عن‭ ‬الحصار‭: ‬“يجب‭ ‬أن‭ ‬يتوقف”‭.‬

اندلعت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬عندما‭ ‬اندلع‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬–‭ ‬وهي‭ ‬القوة‭ ‬القتالية‭ ‬التي‭ ‬ساعد‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬إنشائها‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬العاصمة‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬اجتاح‭ ‬البلاد‭.‬

وقصفت‭ ‬الطائرات‭ ‬العسكرية‭ ‬السودانية‭ ‬المدنيين،‭ ‬بينما‭ ‬تتهم‭ ‬جماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بالتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والقصف‭ ‬العشوائي‭ ‬الذي‭ ‬دمر‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمنازل‭ ‬ومستودعات‭ ‬المساعدات‭.‬

واتُهم‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬صورها‭ ‬المقاتلون‭ ‬أنفسهم‭.‬

واتهمت‭ ‬منظمة‭ ‬أطباء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬الجيش‭ ‬بقصف‭ ‬مستشفى‭ ‬للأطفال،‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بنهب‭ ‬الطعام‭ ‬المخصص‭ ‬لمخيم‭ ‬يضم‭ ‬400‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬جائع‭ ‬في‭ ‬الفاشر‭.‬

ويأمل‭ ‬عمال‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬الطعام‭ ‬جواً‭ ‬على‭ ‬المدينة،‭ ‬التي‭ ‬شبهها‭ ‬توبي‭ ‬هاروارد،‭ ‬المسؤول‭ ‬الأممي‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬دارفور،‭ ‬بـ‭ ‬“الجحيم‭ ‬على‭ ‬الأرض”‭.‬

وتصر‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تحاول‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬ومساعدة‭ ‬ضحاياها،‭ ‬فقد‭ ‬قدمت‭ ‬230‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬وسلمت‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬الإغاثة،‭ ‬ولعبت‭ ‬دوراً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬قادتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭.‬

وقالت‭ ‬لانا‭ ‬نسيبة،‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭: ‬“إن‭ ‬الإمارات‭ ‬تظل‭ ‬ملتزمة‭ ‬بدعم‭ ‬شعب‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬السلام”‭.‬

وقال‭ ‬خمسة‭ ‬مسؤولين‭ ‬أميركيين‭ ‬مطلعين‭ ‬على‭ ‬المحادثات‭ ‬إن‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأميركيين‭ ‬حاولوا‭ ‬إقناع‭ ‬الإمارات‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬عملياتها‭ ‬السرية‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬خاصة،‭ ‬وقاموا‭ ‬بمواجهة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإماراتيين‭ ‬بالمعلومات‭ ‬الاستخبارية‭ ‬الأميركية‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الدولة‭ ‬الخليجية‭ ‬داخل‭ ‬السودان‭ ‬بصراحة‭.‬

وقدم‭ ‬الزعيم‭ ‬الإماراتي‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬اعترافاً‭ ‬ضمنياً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثارت‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬هاريس‭ ‬الاعتراضات‭ ‬الأميركية‭ ‬على‭ ‬تهريب‭ ‬الأسلحة‭ ‬مع‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭.‬

الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬وحميدتي‭ ‬تبادل‭ ‬مصالح

وبينما‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بدعمه‭ ‬المباشر‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬مدين‭ ‬لزعيم‭ ‬المجموعة‭ ‬شبه‭ ‬العسكرية،‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬محمد‭ ‬حمدان،‭ ‬لإرساله‭ ‬قوات‭ ‬للقتال‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمسؤولين‭ ‬أمريكيين‭ ‬مطلعين‭ ‬على‭ ‬المحادثة‭.‬

وقال‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬أيضًا‭ ‬إنه‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬باعتبارها‭ ‬حصنًا‭ ‬ضد‭ ‬الحركات‭ ‬السياسية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتي‭ ‬اعتبرتها‭ ‬العائلة‭ ‬المالكة‭ ‬الإماراتية‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬تهديدًا‭ ‬لسلطتها،‭ ‬وفقًا‭ ‬للمسؤولين‭. (‬لم‭ ‬ترد‭ ‬الحكومة‭ ‬الإماراتية‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬حول‭ ‬المحادثة‭).‬

وقال‭ ‬مسؤول‭ ‬أمريكي،‭ ‬مثل‭ ‬غيره،‭ ‬غير‭ ‬مخول‭ ‬له‭ ‬بالتحدث‭ ‬علنًا‭ ‬عن‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭: ‬“لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬الكذب‭ ‬علينا‭ ‬بعد‭ ‬الآن،‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬أننا‭ ‬نعرف”‭.‬

وتشعر‭ ‬منظمات‭ ‬الإغاثة‭ ‬بالغضب‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وتتهمها‭ ‬بإدارة‭ ‬“عملية‭ ‬مساعدة‭ ‬وهمية”‭ ‬لإخفاء‭ ‬دعمها‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬وفقًا‭ ‬لجيريمي‭ ‬كونينديك،‭ ‬رئيس‭ ‬منظمة‭ ‬اللاجئين‭ ‬الدولية‭ ‬ومسؤول‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬وبايدن‭.‬

وقال‭ ‬عن‭ ‬الإماراتيين‭: ‬“إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬الأمرين‭ ‬معًا‭. ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬التصرف‭ ‬مثل‭ ‬المارقين،‭ ‬ودعم‭ ‬عملاء‭ ‬الميليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لهم‭ ‬وغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يفعلونه‭ ‬بأسلحتهم‭. ‬ويريدون‭ ‬أن‭ ‬يظهروا‭ ‬كعضو‭ ‬بناء‭ ‬وملتزم‭ ‬بالقواعد‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي”‭.‬

لقد‭ ‬حولت‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬البلاد،‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬استراتيجيا‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬مفتوحة،‭ ‬فقد‭ ‬زودت‭ ‬إيران‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬بطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬مسلحة،‭ ‬والذي‭ ‬قاتل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الخرطوم،‭ ‬كما‭ ‬انحازت‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجيش‭.‬

كما‭ ‬تلاعبت‭ ‬روسيا‭ ‬بكلا‭ ‬الطرفين،‭ ‬فقد‭ ‬وجد‭ ‬مفتشو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬مرتزقة‭ ‬فاغنر‭ ‬زودوا‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬بالصواريخ،‭ ‬ويقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬إن‭ ‬الكرملين‭ ‬اتجه‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬الاونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وعرض‭ ‬عليه‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الوصول‭ ‬البحري‭ ‬إلى‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬السوداني‭.‬

وأرسل‭ ‬الحوثيون‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬حمولات‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬إيران،‭ ‬وأرسلت‭ ‬قطر‭ ‬الغنية‭ ‬بالغاز‭ ‬ست‭ ‬طائرات‭ ‬حربية‭ ‬صينية،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭. (‬نفت‭ ‬قطر‭ ‬والحوثيون‭ ‬إرسال‭ ‬مساعدات‭ ‬عسكرية‭).‬

وخلص‭ ‬المسؤولون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬أرسلت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬أيضًا‭.‬

كتب‭ ‬سفير‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬إيدان‭ ‬أوهارا،‭ ‬في‭ ‬مذكرة‭ ‬سرية‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/‬شباط‭: ‬“إن‭ ‬تسليم‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬ومدافع‭ ‬الهاوتزر‭ ‬وقاذفات‭ ‬الصواريخ‭ ‬المتعددة‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المحمولة‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإمارات‭ ‬ساعدها‭ ‬في‭ ‬تحييد‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي”‭ ‬للجيش‭ ‬السوداني‭. (‬نظام‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المحمول‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭).‬

وتضمنت‭ ‬المذكرة‭ ‬تأكيدات‭ ‬مذهلة‭ ‬أخرى‭: ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬قدمت‭ ‬أموالاً‭ ‬للجيش‭ ‬السوداني،‭ ‬الذي‭ ‬استخدمها‭ ‬لشراء‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬إيرانية؛‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬مرتزق‭ ‬أجنبي‭ ‬كانوا‭ ‬يقاتلون‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع؛‭ ‬وأن‭ ‬مرتزقة‭ ‬فاغنر‭ ‬دربوا‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الإماراتي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا‭ ‬إلى‭ ‬أفريقيا‭.‬

فقد‭ ‬أعلنت‭ ‬الإمارات‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬45‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬القارة،‭ ‬بحسب‭ ‬المحللين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬ما‭ ‬تستثمره‭ ‬الصين،‭ ‬ومؤخرا،‭ ‬توسعت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬جديد‭: ‬الحرب‭.‬

الامارات‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الحروب

وقلبت‭ ‬الإمارات‭ ‬دفة‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬إثيوبيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزويد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬مسلحة‭ ‬في‭ ‬نقطة‭ ‬حاسمة‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬مما‭ ‬ساعده‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬منتصرا،‭ ‬والآن‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تحاول‭ ‬تكرار‭ ‬نفس‭ ‬الإنجاز‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭.‬

عندما‭ ‬بدأت‭ ‬طائرات‭ ‬الشحن‭ ‬في‭ ‬الهبوط‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬أم‭ ‬جراس،‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬600‭ ‬ميل‭ ‬شرق‭ ‬العاصمة‭ ‬التشادية‭ ‬نجامينا،‭ ‬قالت‭ ‬الإمارات‭ ‬إنها‭ ‬جاءت‭ ‬لإنشاء‭ ‬مستشفى‭ ‬ميداني‭ ‬للاجئين‭ ‬السودانيين‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر،‭ ‬اكتشف‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أن‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفته‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬يعالج‭ ‬بهدوء‭ ‬مقاتلي‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬وأن‭ ‬طائرات‭ ‬الشحن‭ ‬تحمل‭ ‬أيضًا‭ ‬أسلحة‭ ‬تم‭ ‬تهريبها‭ ‬لاحقًا‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلين‭ ‬داخل‭ ‬السودان‭.‬

وأظهر‭ ‬تحليل‭ ‬صحيفة‭ ‬التايمز‭ ‬لصور‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬وسجلات‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬أن‭ ‬الإماراتيين‭ ‬قاموا‭ ‬بتركيب‭ ‬نظام‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانوا‭ ‬يروجون‭ ‬فيه‭ ‬لعمليتهم‭ ‬الإنسانية‭.‬

وقد‭ ‬أ‭ ‬ستشهد‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬جيك‭ ‬سوليفان،‭ ‬بمعلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬السرية‭ ‬عنها‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬مشاركتها‭ ‬مع‭ ‬مسؤول‭ ‬أجنبي‭ ‬خلال‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬مطولة‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬مايو‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الإماراتي،‭ ‬وقال‭ ‬مسؤولان‭ ‬أمريكيان‭ ‬مطلعان‭ ‬على‭ ‬المحادثات‭ ‬إن‭ ‬الأدلة‭ ‬وثقت‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الإماراتي‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الصراحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬يذكر‭.‬

ويقول‭ ‬مسؤولون‭ ‬أمريكيون‭ ‬وشهود‭ ‬عيان‭ ‬في‭ ‬تشاد‭ ‬إن‭ ‬الإمارات‭ ‬ضاعفت‭ ‬دعمها‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬فقط‭.‬

ويقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬رحلات‭ ‬الشحن‭ ‬تهبط‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬أمجراس،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬اكتشافها‭ ‬بسهولة،‭ ‬لكن‭ ‬نسبة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الإمدادات‭ ‬تصل‭ ‬بالشاحنات،‭ ‬غالبًا‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬طرق‭ ‬تتجاوز‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬الكبرى‭.‬

كما‭ ‬تم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬آثار‭ ‬أسلحة‭ ‬قدمتها‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬وقد‭ ‬حددت‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬مؤخرًا‭ ‬صواريخ‭ ‬صربية‭ ‬الصنع،‭ ‬أطلقت‭ ‬من‭ ‬طائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية،‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬بيعت‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬للإمارات‭.‬

وقال‭ ‬سوكس‭ ‬ماسرا،‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬تشاد‭ ‬السابق‭: ‬“الأمر‭ ‬واضح‭ ‬للغاية‭: ‬الإمارات‭ ‬ترسل‭ ‬الأموال،‭ ‬الإمارات‭ ‬ترسل‭ ‬الأسلحة”‭.‬

وقال‭ ‬إنه‭ ‬بعد‭ ‬شكاوى‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين،‭ ‬أخبر‭ ‬رئيس‭ ‬بلاده‭ ‬محمد‭ ‬إدريس‭ ‬ديبي‭ ‬أن‭ ‬السماح‭ ‬للإمارات‭ ‬بنقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬عبر‭ ‬تشاد‭ ‬كان‭ ‬“خطأً‭ ‬فادحًا”‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬شي،‭ ‬فقد‭ ‬وعدت‭ ‬الإمارات‭ ‬السيد‭ ‬ديبي‭ ‬بقرض‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الميزانية‭ ‬الوطنية‭ ‬لتشاد‭ ‬البالغة‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬قبل‭ ‬عام‭.‬

اماراة‭ ‬دبي‭ ‬مركز‭ ‬امبراطورية‭ ‬آل‭ ‬دقلو

وتدعم‭ ‬الإمارات‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬بطرق‭ ‬أخرى‭ ‬أيضًا‭. ‬ففي‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬نقلت‭ ‬طائرة‭ ‬إماراتية‭ ‬خاصة‭ ‬قائد‭ ‬القوة‭ ‬شبه‭ ‬العسكرية،‭ ‬الجنرال‭ ‬حمدان،‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬دول‭ ‬أفريقية،‭ ‬حيث‭ ‬عومل‭ ‬كرئيس‭ ‬دولة‭.‬

دبي،‭ ‬إحدى‭ ‬الإمارات‭ ‬السبع‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬الأمة،‭ ‬هي‭ ‬مركز‭ ‬إمبراطورية‭ ‬الأعمال‭ ‬التابعة‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬والتي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬الذهب‭.‬

فرضت‭ ‬وزارة‭ ‬الخزانة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬“شركة‭ ‬واجهة”‭ ‬لقوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع،‭ ‬وأدرجت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬سبع‭ ‬شركات‭ ‬إماراتية‭ ‬قيد‭ ‬التحقيق‭ ‬للاشتباه‭ ‬في‭ ‬ارتباطها‭ ‬بالمجموعة‭ ‬شبه‭ ‬العسكرية‭.‬

ويعيش‭ ‬شقيق‭ ‬الجنرال‭ ‬حمدان،‭ ‬ألغوني‭ ‬حمدان،‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬34‭ ‬عامًا،‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬استهدافه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فهو‭ ‬الآن‭ ‬محاور‭ ‬لجهود‭ ‬السلام‭ ‬المتعثرة‭.‬

وفي‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬خلال‭ ‬محادثات‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي،‭ ‬تجاهل‭ ‬السيد‭ ‬حمدان‭ ‬التدابير‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضده‭.‬

وقال‭ ‬“إذا‭ ‬جلبت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬السودان،‭ ‬فيمكنهم‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬يريدونها”‭.‬

واعترف‭ ‬حمدان‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬ارتكبت‭ ‬انتهاكات،‭ ‬لكنه‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬لم‭ ‬تدعم‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭.‬

وقال‭ ‬“لا‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شيء‭. ‬إنها‭ ‬مجرد‭ ‬دعاية‭ ‬كاذبة”‭.‬

لقد‭ ‬أثارت‭ ‬العملية‭ ‬الإماراتية‭ ‬في‭ ‬تشاد‭ ‬قلقاً‭ ‬عميقاً‭ ‬لدى‭ ‬اتحاد‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر،‭ ‬إحدى‭ ‬أقدم‭ ‬وأعرق‭ ‬حركات‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وقال‭ ‬توماسو‭ ‬ديلا‭ ‬لونجا،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬إنه‭ ‬علم‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الإماراتي‭ ‬أنشأ‭ ‬مستشفى‭ ‬في‭ ‬أمجراس،‭ ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الإماراتي،‭ ‬الذي‭ ‬تموله‭ ‬الحكومة‭ ‬الإماراتية،‭ ‬لم‭ ‬يبلغ‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬له‭.‬

لقد‭ ‬روج‭ ‬الإماراتيون‭ ‬بسخائهم،‭ ‬وأظهرت‭ ‬الدعاية‭ ‬الحكومية‭ ‬عمالاً‭ ‬يفرغون‭ ‬منصات‭ ‬الشحن‭ ‬ويعالجون‭ ‬المرضى‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬–‭ ‬وهو‭ ‬شعار‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬والذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحماية‭ ‬القانونية‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقيات‭ ‬جنيف،‭ ‬وإساءة‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬الرمز‭ ‬يعد‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬محتملة‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬ديلا‭ ‬لونجا‭ ‬إن‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬التي‭ ‬تخشى‭ ‬أن‭ ‬تتعرض‭ ‬سمعتها‭ ‬في‭ ‬الحياد‭ ‬للخطر،‭ ‬أرسلت‭ ‬بعثات‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬إلى‭ ‬تشاد‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2023‭ ‬و2024‭ ‬“لفهم‭ ‬أفضل”‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬الإماراتيون‭ ‬يفعلونه‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬أمجراس،‭ ‬ولم‭ ‬يجدوا‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الإجابات‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬ديلا‭ ‬لونجا‭ ‬إنه‭ ‬عندما‭ ‬وصل‭ ‬المسؤولون،‭ ‬تم‭ ‬إبعادهم‭ ‬عن‭ ‬المستشفى‭ ‬الميداني‭ ‬الإماراتي‭ ‬لأسباب‭ ‬“أمنية”‭ ‬غير‭ ‬محددة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬غادر‭ ‬المسؤولون‭ ‬تشاد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تطأ‭ ‬أقدامهم‭ ‬المستشفى‭.‬

ولم‭ ‬يستجب‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الإماراتي‭ ‬للأسئلة‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬كونينديك،‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬اللاجئين‭ ‬الدولية،‭ ‬إنه‭ ‬“أمر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق”‭ ‬أن‭ ‬تمنع‭ ‬منظمة‭ ‬إغاثة‭ ‬مسؤوليها‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬مستشفى‭ ‬يُفترض‭ ‬أنه‭ ‬يعالج‭ ‬اللاجئين‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬تستغل‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬كغطاء‭ ‬لشحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموثقة‭ ‬جيدًا‭ ‬إلى‭ ‬ميليشيا‭ ‬ترتكب‭ ‬فظائع‭ ‬في‭ ‬دارفور‭ ‬بنشاط‭.‬

وقال‭ ‬مسؤولون‭ ‬إماراتيون‭ ‬في‭ ‬يونيو‭/‬حزيران،‭ ‬إنهم‭ ‬عالجوا‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬مريض،‭ ‬وكانوا‭ ‬يتطلعون‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬المستشفى،‭ ‬لكن‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أمجراس‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬المستشفى‭ ‬يفتح‭ ‬لمدة‭ ‬أربع‭ ‬ساعات‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.‬

وافتتحت‭ ‬الإمارات‭ ‬مستشفى‭ ‬ميدانيًا‭ ‬ثانيًا‭ ‬في‭ ‬تشاد،‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أبيشي‭ ‬في‭ ‬أبريل‭/‬نيسان،‭ ‬وعندما‭ ‬زارت‭ ‬صحيفة‭ ‬التايمز‭ ‬المنشأة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬80‭ ‬سريرًا‭ ‬في‭ ‬يوليو‭  ‬عرض‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬أجنحتها‭ ‬المجهزة‭ ‬تجهيزًا‭ ‬جيدًا،‭ ‬والتي‭ ‬قال‭ ‬مدير‭ ‬المستشفى،‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬محمد،‭ ‬إنها‭ ‬تستقبل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬250‭ ‬مريضًا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬شركة‭ ‬إماراتية‭ ‬خاصة‭ ‬تدير‭ ‬المستشفى،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬صلة‭ ‬بالصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬أو‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر،‭ ‬لكن‭ ‬المستشفى‭ ‬كان‭ ‬يغلق‭ ‬أبوابه‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬مساءً‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬مما‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقدمها‭.‬

ويقول‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحاول‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬الإماراتيون‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬ديلا‭ ‬لونجا،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬عن‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬أمجراس‭: ‬“إن‭ ‬العملية‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بعد‭. ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر”‭.‬

ويقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأميركيون‭ ‬إنهم‭ ‬يركزون‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬على‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬مع‭ ‬انزلاق‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬أكبر‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

لقد‭ ‬نظم‭ ‬أنتوني‭ ‬جيه‭ ‬بلينكن،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية،‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬فرص‭ ‬وقف‭ ‬القتال‭.‬

وقال‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشخاص‭ ‬مطلعون‭ ‬على‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬إن‭ ‬السيد‭ ‬سوليفان،‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬تدخل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬عندما‭ ‬بدا‭ ‬أنهم‭ ‬يعرقلون‭ ‬المحادثات‭.‬

هل‭ ‬تعجز‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬ادانة‭ ‬الامارات؟

لكن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬منقسمة‭ ‬بشأن‭ ‬سؤال‭ ‬أساسي‭: ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬الإمارات؟

في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬،‭ ‬عندما‭ ‬اقترح‭ ‬المبعوث‭ ‬الأميركي‭ ‬إلى‭ ‬السودان،‭ ‬توم‭ ‬بيرييلو،‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬حلقات‭ ‬البودكاست‭ ‬أنه‭ ‬يدعم‭ ‬مقاطعة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬مغني‭ ‬الراب‭ ‬ماكليمور،‭ ‬الذي‭ ‬ألغى‭ ‬مؤخراً‭ ‬عرضاً‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬بسبب‭ ‬دور‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬أثار‭ ‬ذلك‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬غاضباً‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإماراتيين،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭.‬

وقال‭ ‬السيد‭ ‬بيرييلو‭ ‬في‭ ‬البودكاست‭: ‬“لم‭ ‬يكن‭ ‬ماكليمور‭ ‬بطلاً‭ ‬للسودان‭ ‬على‭ ‬بطاقة‭ ‬البنغو‭ ‬الخاصة‭ ‬بي”‭.‬

وشعر‭ ‬بعض‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬أن‭ ‬السيد‭ ‬بيرييلو‭ ‬قد‭ ‬ذهب‭ ‬بعيداً،‭ ‬بينما‭ ‬ارتجف‭ ‬آخرون‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الخضوع‭ ‬للإماراتيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬علاقات‭ ‬جيدة‭.‬

ويعكس‭ ‬الخلاف‭ ‬حدود‭ ‬تحدي‭ ‬الإمارات،‭ ‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬العالمية‭.‬

الإمارات‭ ‬حليف‭ ‬أميركي‭ ‬قوي‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وقد‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬اتفاقيات‭ ‬إبراهيم‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولاعب‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬سهلت‭ ‬حتى‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭.‬

لقد‭ ‬تجاهلت‭ ‬الدولة‭ ‬الخليجية‭ ‬الانتقادات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬ولكنها‭ ‬تبدو‭ ‬حساسة‭ ‬للانتقادات‭ ‬المتزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬السودان‭.‬

وعندما‭ ‬نظر‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬في‭ ‬فبراير‭/‬شباط‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الإمارات‭ ‬“لديها‭ ‬أي‭ ‬تحفظات‭ ‬بشأن‭ ‬المذابح‭ ‬والدمار”‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬أفعالها‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬مذكرة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬السرية،‭ ‬خلص‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإماراتيين‭ ‬“سيكونون‭ ‬أكثر‭ ‬قلقا‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬قد‭ ‬يلحق‭ ‬بسمعتهم‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالذنب‭ ‬الأخلاقي”‭.‬

ولكن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الإماراتيون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬للتنازل‭ ‬عن‭ ‬السودان‭ ‬لواحدة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬المتنافسة‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تتكدس‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬إيران،‭ ‬فهذه‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬تماما‭.‬

يقول‭ ‬المسؤولون‭ ‬إن‭ ‬احتمال‭ ‬حصول‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬على‭ ‬الشواطئ‭ ‬الغربية‭ ‬للبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬قد‭ ‬أزعج‭ ‬الإمارات‭ ‬وعدة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬متورطة‭ ‬في‭ ‬السودان‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالانزعاج‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬بالوكالة‭ ‬ويدفع‭ ‬القوى‭ ‬المتنافسة‭ ‬إلى‭ ‬ضخ‭ ‬المزيد‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬مما‭ ‬يدفع‭ ‬الدولة‭ ‬المتعثرة‭ ‬نحو‭ ‬الانهيار‭ ‬الكامل‭.‬

ويقول‭ ‬الإماراتيون‭ ‬إن‭ ‬اللاجئين‭ ‬السودانيين‭ ‬ممتنون‭ ‬للمساعدة‭ ‬الإماراتية،‭ ‬لكن‭ ‬الغضب‭ ‬بين‭ ‬آخرين‭ ‬يتزايد‭.‬

وعندما‭ ‬زارت‭ ‬السيدة‭ ‬نسيبة،‭ ‬الوزيرة‭ ‬الإماراتية‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬سويسرا،‭ ‬أحد‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬تشاد‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬بلادها،‭ ‬واجهها‭ ‬لاجئ‭ ‬سوداني‭ ‬غاضب‭.‬

صرخ‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬محادثة‭ ‬سريع‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭: ‬“أنت‭ ‬تعلمين‭ ‬جيدًا‭ ‬أنك‭ ‬أشعلت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭!‬،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬منك‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬توقفيها”‭.‬

وقال‭ ‬الرجل،‭ ‬الذي‭ ‬طلب‭ ‬أن‭ ‬يُعرَّف‭ ‬باسم‭ ‬سليمان‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬الانتقام،‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬نفسه‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬وحشية‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬أجبرته‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬السودان‭ ‬قبل‭ ‬عام،‭ ‬لينضم‭ ‬إلى‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬لاجئ‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬تشاد،‭ ‬لذلك‭ ‬عندما‭ ‬جلست‭ ‬الوزيرة‭ ‬الإماراتية‭ ‬أمامه،‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬“السبب‭ ‬وراء‭ ‬تدمير‭ ‬منزلي”‭.‬

وقال‭: ‬“لقد‭ ‬فقدت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬كان‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أقف‭ ‬وأقول‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قلبي”‭.‬

Share This Article
Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

GIPHY App Key not set. Please check settings

error: Content is protected !!
Exit mobile version