
تقرير: أميرة الجعلي
حملت زيارة نائب وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران الى العاصمة الإدارية بورتسودان أكثر من رسالة الى القيادة السياسية. إضافة الى جهود الوساطة التي يقودها الرئيس رجب اردوغان لتقريب وجهات النظر بين السودان والإمارات لوقف الحرب، حيث ناقش نائب الخارجية التركي سبل تطوير العلاقات الثنائية خاصة في الجوانب الإقتصادية والتنموية.
فيما وأفق رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان وطالبت أنقرة قبول الطرفين بالمبادرة ووقف الحملات الإعلامية العدائية تصفية للأجواء وتمهيدا لإنجاح التفاوض.
و حاولت أبوظبي الإلتفاف على الموافقة المباشرة عبر بيان رسمي رحبت فيه بالجهود التركية لعقد مفاوضات مباشرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع في محاولة للتملص من مسؤولية الدعم العسكري للمليشيا مما اضطر الخارجية السودانية لإصدار بيان حاول إعادة الأمور الى نصابها والتذكير مرة أخرى ان الوساطة التركية هي بين السودان والإمارات وليس مع المليشيا لأن أبوظبي هي الممول الرئيس للحرب في السودان.
لقاء مباشر
وحسب ما كشفته صحيفة (صباح التركية) فان أنقرة التزمت بمواصلة تقديم الدعم الإنساني حيث كشف تقرير لوكالة المعونات الإنسانية التركية انها قدمت خلال العام 2024 إغاثة لأكثر من مليوني شخص.
و كشفت تسريبات صحفية ان تركيا تأمل في عقد لقاء مباشر بين البرهان ومحمد بن زايد في أنقرة تحت رعاية الرئيس اردوغان على غرار ما حدث بين رئيس وزراء اثيوبيا والرئيس الصومالي.
ومن المتوقع في حال إنعقاد هذه القمة الإتفاق على خارطة طريق تتعهد فيها أبوظبي بوقف الدعم العسكري وحث الدعم السريع على الإنسحاب وإخلاء بعض المناطق وإعلان وقف إطلاق النار و الإنخراط في منبر جدة للتفاوض.
أبرز التحديات
لكن أبرز التحديات التي تواجه جهود الوساطة التركية هو الرفض القاطع لقيادة الجيش بإعادة الدعم السريع للحياة العامة، في الوقت الذي تطمح فيه أبوظبي الى عقد تسوية تعيد فيها أوضاع ما قبل الحرب.
في المقابل تعهدت أنقرة في تقديم الدعم الفني والمساهمة في إعادة الإعمار مما يشير الى ان العلاقات بين البلدين ستشهد طفرة في التعاون الثنائي خاصة في إعادة إحياء مشروعات التعاون الإ
قتصادي.
شريك اقتصادي
أوضح مراقبون ان جهود تركيا ترشح لتكون الشريك الإقتصادي الأول مع مصر في جهود إعادة الإعمار، ويمكن لتركيا إعادة تشغيل مطار الخرطوم في وقت وجيز بعد إعلان وقف اطلاق النار.
وكشفت زيارة نائب وزير الخارجية ان أنقرة قررت إعادة فتح بنك زراعات وإفتتاح مكتب لوكالة العون التركية ( تيكا) في بورتسودان.
كما تتطلع تركيا الى إحياء مشروعات الأمن الغذائي التي تم التوقيع عليها في العام 2017 والتي تتطلب تخصيص 100 الف فدان يتم استثمارها بين البلدين وسبق وان وقع الإختيار على مناطق (ابو قوتة ومبروكة) لكن لم ير المشروع النور لأسباب فنية.
ربما تنجح
وتوقع البعض أن تنجح أنقرة في الوساطة بين السودان والإمارات لوقف الحرب كما نجحت من قبل في نزع فتيل الأزمة بين أثيوبيا والصومال.
وقالوا تزداد فرص نجاح المبادرة التركية بسبب إشراف وزير الخارجية برهان الدين على هذا الملف باعتباره صاحب تجربة وخبرة مع السودان إذ زار الخرطوم عندما كان مديرا للمخابرات قبل أشهر قليلة من الحرب حيث حذر قادة الجيش من طموح حميدتي.
عليه فان ما يكسبه السودان من المبادرة هي عودة تركيا كشريك تجاري وإقتصادي وتنموي ومساهم أساسي في مشروعات إعادة الإعمار عقب وقف الحرب، والدخول في شراكات حقيقية خاصة في مشروعات الأمن الغذائي والبنية التحتية والخدمات وإعمار ما دمرته الحرب.
عوامل النجاح
وبجسب مراقبين فإنه قد تعطلت مشروعات التعاون الإقتصادي بين السودان وتركيا أثناء فترة حمدوك التي حاولت أن تجير علاقات السودان وإستثماراته لصالح الدول الغربية وإغلاق الأبواب أمام الصين وتركيا.
وأوضح المراقبون إن عوامل نجاح المبادرة التركية بارزة للعيان، خاصة ما يتعلق برأب الصدع بين السودان والإمارات اذا أوفت أبوظبي بتعهداتها رغم ان سجلها في هذا الشأن غير مشجع على الإطلاق.
لكن الأهم هو أن أي محاولة لإعادة الدعم السريع ضمن منظومة السلطة سيواجه بالرفض من قبل الجيش والشعب السوداني.
لكن أكد المراقبون أن الثمرة الأبرز من الجهود التي تقودها أنقرة هو عودة تركيا كشريك إقتصادي وتنموي فاعل في جهود إعادة الإعمار.
وهو ما يمهد الطريق لشراكة استراتيجية اذا توفرت الإرادة السياسية وقاوم البرهان الضغوط الغربية سيما وإن ثقل تركيا الدولي والإقليمي أصبح أكثر بروزا بعد تحولات سوريا والمصالحة الأثيوبية الصومالية.