تقرير: المحرر: أميرة الجعلي
شهدت الساحة الدولية طيلة الفترة الماضية تحركات مكثفة على مستوى مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الانسان وتآمر بعض الدول الغربية لاصدار قرارات ضد الحكومة جراء الحرب الدائرة في السودان ، وتحميلها مسؤولية الصراع الحالي، وتجاهل المجتمع الدولي الانتهاكات التي وقعت على عاتق المواطنين من قبل قوات الدعم السريع من قتل واغتصاب ودمار للبنية التحتية.
ولكن رغم ذلك ظلت تحركات الحكومة السودانية واتصالاتها مع الدول الصديقة مستمرة لإجهاض كل هذه المؤمرات، وربما ظهر ذلك جليا من خلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت “الاربعاء”.
سخونة القضايا:
و مع اقتراب اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المزمع عقدها خلال الشهر الجاري تزداد قضايا السودان سخونة في المنابر الدولية، ففي الوقت الذي قدمت فيه لجنة تقصي الحقائق تقريرها امام مجلس حقوق الانسان في جنيف مطلع هذا الاسبوع حاول السودان عبر بيان النائب العام مولانا الفاتح محمد عيسى طيفور ان يفند اتهامات التقرير معددا انتهاكات الدعم السريع ، وكشف عن اعتداءاتها المتكررة على السجون واطلاق سراح السجناء، وتجنيد اعداد كبيرة من المرتزقة من اكثر من 12 دولة، اضافة الى الاعتداء على المطارات ومقار 18 من البعثة الدبلوماسية والمنظمات الدولية واحتلال منازل المواطنين وتحويلها لثكنات عسكرية ، بجانب ارتكاب جرائم ضد المواطنين العزل من قتل واغتصاب والاعتداء على دور العبادة من مساجد والكنائس.
حضور منظمات مدنية :
وبحسب متابعات منصة (المحرر) كان لافتا للنظر خلال جلسة المجلس حضور عدد من منظمات المجتمع المدني السودانية التي قدمت بيانا تلاه الدكتور عبد السلام سيد احمد المدير الاقليمي السابق لمكتب المفوض السامي لحقوق الانسان لاقليم شرق المتوسط ( مينا) مقيما في بيروت. ، كما حاول ايضا الدعم السريع اختراق مناقشات السودان عبر عدد من المنظمات السودانية المقيمة في اوروبا كما ظهر جليا من خلال مشاركة شخصيات تعمل مع تقدم لكنها ذات ولاء سياسي عميق لمليشيا الدعم السريع.
و يبرز سؤال منطقي عن مصدر تمويل نشاط هذه المنظمات وكلفة مشاركتها في جنيف.
لم تقدم جديد:
وبحسب المعلومات التي تحصلت عليها منصة (المحرر) فان بيانات الدول الاعضاء امام مجلس حقوق الانسان لم تقدم جديدا وطالبت بابقاء حالة السودان قيد النظر ضمن اهتمامات المجلس، وذلك رغم الانقسام الذي اعترى المجموعة العربية داخل المجلس لانحياز دولة الامارات لعدوان الدعم السريع ورعايتها الاقليمية للحرب فيما ظلت المجموعة الافريقية متماسكة في موقفها تجاه السودان.
ومن المنتظر ان يصدر المجلس في اكتوبر القادم قرار بشان السودان اما بالتمديد لاجل اللجنة او انشاء لجنة تحقيق دولية وهو ما تعمل بعثة السودان الدائمة علي اجهاضه.
وعلى حسب الاجراءات فان توصيات تقرير لجنة التقصي سيتم رفعه للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك اذ ان مجلس حقوق الانسان يتبع هيكليا الى الجمعية العامة.
تشكيك دوائر:
وتشكك دوائر لصيقة بمجلس حقوق الانسان تحدثت لمنصة (المحرر) من رفع التوصيات بواسطة الجمعية العامة الى مجلس الأمن للنظر في اصدار قرارات لانفاذ توصيات لجنة التقصي خاصة ولاية المحكمة الجنائية الدولية على كل تراب السودان بدلا عن دارفورفقط، حسب قرار مجلس الأمن السابق.
اذ انه من المعلوم ان تحقيق محكمة الجنايات الدولية في جرائم دارفور تم وفقا للاحالة من مجلس الأمن الى المحكمة مما يتطلب اصدار قرار جديد من مجلس الأمن لتوسيع نطاق المحكمة ليشمل كل السودان وهو أمر من الصعوبة ان يحدث بعد بروز معارضة قوية من روسيا والصين و حرصهما عدم استغلال الحرب لاضعاف سيادة السودان.
عزوف المجلس:
في المقابل كشفت مداولات مجلس الأمن الدولي “الاربعاء” القاضية بتمديد أجل لجنة الخبراء لمدة عام اضافي عن التوازنات التي تحيط بقضية السودان داخل المجلس.
واكدت مصادر دبلوماسية تحدثت لمنصة (المحرر) ان الاتصالات المكثفة التي اجرتها بعثة السودان الدائمة في نيويورك، والبيان الذي قدمه مندوب السودان السفير الحارث ادريس ساهم في تخفيف صيغة القرار الصادر من المجلس، لكنها في ذات الوقت تؤشر الى عزوف المجلس عن توسيع نطاق الاجراءات ضد السودان نسبة للاتهامات والشكاوي التي ظل يقدمها السودان ضد دولة الامارات والتي عززت بمعلومات اضافية قدمها المندوب لدى الجلسة التي عدد فيها الدعم العسكري الاماراتي المستمر عبر دول الجوار واستغلال معبر (أدري) للمساعدات الانسانية لادخال المساعدات العسكرية الاماراتية الى السودان. وجاء في المقابل بيان المندوب الاماراتي متحذلقا و انشائيا
خاليا من المعني والموقف ليبرر استمرار دعم الامارات للعدوان العسكري ضد السودان.
تشدد مواقف:
ومن خلال متابعات منصة (المحرر) فان مداولات الجلسة كشفت تشدد الموقفين الفرنسي والبريطاني، اذ قدمت فرنسا مقترحا لتوسيع نطاق عمل لجنة الخبراء لتشمل كافة السودان، فيما ظلت بريطانيا حاملة القلم تعمل على تعطيل شكاوي السودان ضد الامارات وتوجيه اجندة النقاش داخل المجلس بشأن السودان في الوقت الذي ظلت فيه روسيا تمتنع عن التصويت بحجة تضمن القرار لفقرات تضعف من سيادة السودان، فيما عبرت الصين عن نفس انشغالاتها بشأن حرب السودان وضرورة التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار.
برامج مكثفة:
ووفقا للانباء المتداولة حول مشاركة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة خلال الشهر الجاري، فانه سيدخل في برامج دبلوماسية مكثفة من اجتماعات ولقاءات في ظل توجه المجتمع الدولي لتكثيف الضغوط السياسية والدبلوماسية لوقف حرب السودان.
ويرى مراقبون ان البرهان من خلال وجوده في نيويورك سيواجه موقفا دوليا مغايرا تتصاعد فيه الضغوط علي السودان، واكد خبير دولي ان استباق البرهان بتعيين رئيس وزراء مدني قبل سفره الي نيويورك سيقلل من الضغوط الدولية علي السودان. سيسد الطريق علي المساومات السياسية لاقتسام السلطة مجددا. وفي ذات السياق فان مشاركة البرهان في اجتماعات الجمعية العامة ستضفي مزيدا من الشرعية الدولية علي قيادة البلاد التي اصبحت من المسلمات رغم اجتهاد الدوائر السياسية المتمردة و المعارضة علي انكارها. ولكن في ذات ستحاول بعض الدوائر الجولية تحميل الفريق البرهان مسؤولية استمرار الحرب و مقاومته المستميتة للضغوط الجارية لعقد مفاوضات مشتركة مع الدعم السريع.
لكن وفقا لخبراء تحدثوا لمنصة (المحرر) فانه لا يتوقع صدور قرارات كبيرة تعمل على تحول المشهد السوداني كليا الى اتجاهات جديدة، ولكن المتفق عليه ان اجتماعات الجمعية العامة ستكون منبرا جديدا لمزيد من الضغوط على البرهان للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار.
ويبقي السؤال هل ستكون اجتماعات الجمعية العامة لحظة سياسية فاصلة لقبول التفاوض مع مليشيا الدعم السريع علي اسس اتفاق جدة او المنامة؟ وهل ستنجح جهود السودان في تحميل الامارات مسؤولية هذه الحرب، ام تنجو ابوظبي بنفسها مجددا كما فعلت في سوريا وليبيا واليمن نسبة لوضعها الاقتصادي وشبكة علاقاتها الدولية وارتباطاتها العميقة لتنفيذ مشروع خارطة الشرق الاوسط الجديد الذي ستقوده اسرائيل؟
GIPHY App Key not set. Please check settings